دعوة للحكومات لإلغاء القوانين التي تُميِّز ضد الحقوق الاقتصادية للنساء

المملكة المتحدة، لندن، 16/فبراير 2023 – أصبحت النساء في مختلف أنحاء العالم أكثرَ عُرضةً لانتهاكات حقوق الإنسان بسبب القوانين والسياسات التي تميز على أساس الجنس والتي تُقيِّد أنشطتهن الاقتصادية، وتُعيق استقلالهن المالي، وتحُدّ من فُرصِهن. ما تزال نصف الدول لديها قوانين متعلقة بالوضع الاقتصادي تُعامِل المرأة بشكلٍ غير متساوٍ وتُعيق وصولها إلى العمل، وحصولها على اجر متساوٍ، وتقيد حقوقها في الملكية والميراث. وتسلط ورقة السياسات الجديدة من منظمة Equality Nowأقوالٌ وأفعال: مُساءلة الحكومات في عملية مراجعة بيجين +30 – التمييز على أساس الجنس في القوانين المتعلقة بالوضع الاقتصادي – الضوء على أمثلةٍ من القوانين التمييزية التي يجب على الحكومات تعديلها بصورة عاجلة.

دعوة للحكومات لإلغاء القوانين التي تُميِّز ضد الحقوق الاقتصادية للنساء
Photo credit – Equality Now, Tara Carey

تتجذّر قوانين الوضع الاقتصادي التي تميز على أساس الجنس في القوالب النمطية الضارة بشأن النوع الاجتماعي وتديمها. فهي تمنع المشاركة الاجتماعية والاقتصادية الكاملة للمرأة من خلال تقييد خياراتها قانونًا، وتعزز وجود النساء بشكل غير متناسب في وظائف غير آمنة ومنخفضة الأجر. كما أنها تحافظ على الفجوة في الأجور بين الجنسين، حيث تتلقى النساء عادةً أجرًا أقل من الرجال مقابل العمل نفسه، وتحُد من قدرة النساء على الحصول على قروض وحيازة الأراضي. كل ذلك يجعل العديد من النساء محاصرات في دائرة الفقر والتبعية، ويُعرِّضهن بشكل متزايد لخطر الاستغلال والإساءة من قِبَل أفراد الأسرة، والشركاء، وأرباب العمل، والمجتمع ككل.

مؤتمر الأمم المتحدة العالمي الرابع للمرأة في بكين

في المؤتمر العالمي الرابع للأمم المتحدة حول المرأة الذي عُقد في بكين عام 1995، وافقت 189 حكومة على خارطة طريق شاملة للنهوض بحقوق النساء والفتيات وتحقيق المساواة بين الجنسين. كان أحد الالتزامات التي تعهّدت بها الدول أنها “ستلغي أي قوانين متبقية تُميِّز على أساس الجنس”.

بعد مُضِىّ أكثر من ربع قرن، ما تزال المساواة بين الجنسين بعيدة المنال، وما يزال التقدم نحو تحقيقها بطيئاً وغير مُتّسق. حقّق 12 اقتصادًا فقط من أصل 190 اقتصادًا شملها مسحٌ أجراه البنك الدولي في عام 2022 المساواة القانونية بين الجنسين، ويمنح الاقتصاد النمطيّ النساء 75% فقط من نفس الحقوق التي يتمتع بها الرجال.

لإبقاء البلدان خاضعة للمساءلة فيما يتعلق بالخطة الموضحة في منهاج عمل بيجين، تتابع منظمة Equality Now القوانين التمثيلية وتُجري مراجعاتٍ دورية للتشريعات المتحيّزة جنسياً في مختلف أنحاء العالم. وجد تقريرنا لعام 2020 أن كل البلدان تقريبًا فشلت في الوفاء بالالتزامات التي تُعُهِّدَت بها للقضاء بشكل صريح على القوانين التي تميز على أساس الجنس.

قوانين الأسرة التمييزية

يمكن أن يكون لقوانين الأسرة التمييزية، التي تحكم حقوق النساء والرجال في الزواج والطلاق والحضانة والوصاية على الأطفال وكذلك حق الزوجين في اختيار مهنتهم ووظيفتهم بشكل مستقل، آثار اقتصادية وخيمة على النساء والفتيات وأُسرهنّ.

في شيلي، هناك افتراضٌ قانوني مَفادُه أن الأزواج هم من يرأسون الأسرة ويتحكمون في الممتلكات الزوجية، وكذلك ممتلكات زوجاتهم. يسمح القانون المدني في الكاميرون للزوج بإدارة ممتلكات زوجته والتصرف فيها. في الاتحاد الروسي ، تم تعديل القانون في يوليو/ تموز 2019 لرفع القيود التي منعت النساء من القيام ببعض الوظائف ، لكن لا يزال هناك 100 نوع من الأعمال والوظائف التي لا يزال غير مسموح للمرأة قانونًا بمزاولتها.

يجب أن يكون تعديل أو إلغاء قوانين الأسرة التمييزية أولويةً عالمية. ولتعزيز ذلك، أطلق ائتلافٌ من المنظمات النسوية الحملة العالمية للمساواة في قانون الأسرة لدعوة الحكومات لضمان المساواة بين جميع النساء والرجال بموجب القانون في كل مسألة تتعلق بالأسرة.

التمييز على أساس الجنس في قوانين العمل

يَحُد العديد من البلدان من حقوق المرأة في اختيار عملها بحرية. يشمل ذلك الصين، حيث يُحظر على النساء الانخراط في مجال التعدين وغيره من أشكال العمل البدني الشاق الذي تحدده الدولة. في مدغشقر، يُحظر على النساء العمل ليلاً إلا في المؤسسات العائلية، بينما يمنح القانون في الكاميرون، الزوج حقّ الاعتراض على ممارسة زوجته التجارة.

يجب على الحكومات معالجة النظام الإيكولوجي للحماية القانونية بأكمله لضمان عدم حصر النساء بالوظائف المنخفضة الاجر أو الوظائف غير المنظمة، أو إجبارهن فعليًا على ترك القوى العاملة لتحمُّل مسؤوليات الرعاية – التي غالبًا ما تكون غير مدفوعة الأجر – ومن ثم حرمانهن من المساواة في الحصول على المعاشات التقاعدية بالتساوي مع الرجال. علاوةً على ذلك، تتطلب القوانين التقدمية تنفيذاً صارماً، مثل الأجر المتساوي للعمل المتساوي.

لتحقيق المشاركة الكاملة في عالمنا الحديث، يحتاج الجميع إلى وصولٍ متساوٍ إلى الإنترنت والتقنيات الرقمية. ولكن يقل عدد النساء اللواتي يمتلكن هواتف ذكية وقدرة على الوصول إلى الإنترنت عبر الهاتف المحمول عن عدد الرجال بحوالي 327 مليون.

أصدر التحالف من أجل الحقوق الرقمية العالمية (AUDRI) مجموعة من المبادئ الرقمية النسوية لتعزيز حقوق جميع الأشخاص في المشاركة بحرية وأمان في المجال الرقمي. لتحقيق ذلك، يجب على الدول الاعتراف بأوجه انعدام المساواة الجندرية التقاطعية في العالم المادي وعلى الإنترنت ومواجهتها، وسنّ قوانين وسياسات تعزّز الوصول الشامل والمتساوٍ إلى الإنترنت. ستتاح للدول الفرصة لمعالجة هذا الأمر معًا في مارس 2023 عندما تجتمع في لجنة الأمم المتحدة المعنيّة بوضع المرأة (CSW67).

جائحة كوفيد-19

من معدلات البطالة القياسية إلى سلاسل التوريد المعطلة وانخفاض الطلب على السلع والخدمات، ضربت جائحة كوفيد-19 الاقتصاد العالمي. أثّرت الأزمة المالية والاجتماعية التي أعقبت ذلك، على النساء بشكل غير متناسب، من خلال تفاقم اللامساواة المتجذرة بين الجنسين في المنزل ومكان العمل.

فقدت ملايين النساء سبُلَ عيشهن، وتحمّلن عبئًا أكبر تمثّل في تقديم الرعاية غير مدفوعة الأجر للأطفال والمرضى وكبار السن. إجراءات الإغلاق الخاصة بالجائحة، مقترنةً بإفتقار النساء إلى الاستقلال المالي، حاصرتهن في أوضاع منزلية مسيئة، ما أدى إلى زيادة مُقلِقة في معدلات العنف المنزلي. كما جعلتهن الصعوبات الاقتصادية أكثر عُرضةً للاستغلال الجنسي والاتجار.

لمواجهة الضرر الناجم عن الوباء، على الدول إعطاء الأولوية للمساواة بين الجنسين والمساواة في الدخل، عن طريق إزالة جميع القوانين التي تميز على أساس الجنس وإدخال سياسات تقدمية مثل دعم رعاية الأطفال والمسنين والإجازة الوالدية المتساوية.

توضّح ذلك أنتونيا كيركلاند، محامية في حقوق الإنسان ومديرة برنامج المساواة القانونية في Equaltiy Now، بقولها: “القوانين التمييزية تجعل المساواة بين جميع النساء والرجال مستحيلة. قبل حلول الذكرى الثلاثين لمنهاج عمل بيجين في عام 2025، تدعو Equality Now الدول إلى مراجعة قوانينها الوطنية، بما في ذلك القوانين العُرفية، والممارسات القانونية المتعلقة بقوانين الأسرة، والقونين المدنية والجزائية، وقوانين العمل والتجارة”.

“يجب إلغاء أي قوانين تُميِّز على أساس الجنس، ويجب تعزيز الحقوق الاقتصادية للمرأة واستقلالها – بما في ذلك حقها في الوصول إلى العمل، وظروف عمل مناسبة، والتصرف بجميع أنواع الموارد الاقتصادية”.